Please disable your Ad Blocker to better interact with this website.

The Secret Apparatus

نرجسية العرب بين المرض النفسي والجريمة

نرجسية العرب بين المرض النفسي والجريمة
0 minute read

   نشر في جريدة المقال اليومية بتاريخ 2 سبتمبر 2015

بقلم: سينثيا فرحات

تقول الفيلسوفة آين راند، “إذا كنت تعتمد علي اللا منطقية كمعيارك التقيمي، والمستحيل كمفهومك عن الخير، و تطمح لمنافع لم تكتسبها، وإلي ثروة وحب لا تستحقهما، إلي مَنفذاً داخل قانوناً مُعتدي، إلي معطيات واقع تنكره بحسب أهوائك، وكل سعيك يتجه نحو الفناءـ فستحصل عليه. ولكن لا تبكي عندما تحصل علية ولا تقول حينئذن، إن الحياة ليست الإ مشقة والسعادة مستحيلة. بل راجع الوقودك الفكري الذي أستخدمته لتصل لما وصلت إليه.”

من المستحيل أن يزدهر مجتمع دون أن يكون مبني علي أفراد يعتمدون المنطق كالوسيلة الوحيدة للمعرفة، والذي يعتمد علي إدراك الواقع بمعطياته وحقائقة. والشجاعة والقوة لإدراكة من خلال الثقه بالنفس المكتسبة عن أستحقاق، والتي هي عكس النرجسية.

وعلي عكس المتعريف السطحي أن النرجسية هي حب للذات أو ثقة في النفس ذائدة، فأخر الأبحاث العلمية تفيد أن المصاب بهذا الأضطراب يهدف دون وعي بالأحتماء بالنرجسية لإخفاء شعور جارف بالدونية.

جريدة المقال 1

 نحن ومعظم، إن لم تكن كافة، المجتمعات العربية والمستعربة، نفتقر الثقة بالنفس الصحية التي تجعل الفرد يدرك ويميز الفرق بين المشاعر وبين والحقائق الواقعية، وبين الأهداف الميتافيزيقية الشمولية الخيالية وبين الأهداف الواقعية النفعية. فنعتمد علي الخيالات النرجسية وليس المنطق العقلاني في تبني ارائنا ومواقفنا السياسة والأجتماعية، والذي ينعكس في صياغة توقعاتنا. فمشاعرنا أصبحت هي المعيار التقييمي الوحيد وليس معطيات الواقع وحقائقهه. فمثلاً، يعتبر معظم العرب ومعظم المستعربة أنفسهم أسياد العالم، في حين أن العالم ينظر لنا ولهم بشفقه ويعاملهم كأطفال يتفضل عليهم بصبره أمام بطشهم. فهنا النرجسية وليست الثقة الصحية في النفس – والتي يكتسبها الفرد أو المجتمع عن أستحقاق بعمله وأنتاجه وتقدمه- مصدر ذلك التوجه وكأن العالم مدين لنا لمجرد أننا تفضلنا عليه بوجودنا علي قيد الحياة و بمجرد أنتسابنا لهويات سياسية، أو دينية، أو قومية أو عرقية تدعي الفوقية دون أدني برهاناً واقعياً لصحة ذلك الأدعاء. وبالتالي لدينا توقعات غير قابلة للتحقيق، فنمتلئ بخيبة أمل يتم التعبير عنها بالعنف، فقط لنرجع ونبرر العنف بلوم كل شئ إلا ثقافتنا وأنفسنا.

يقول خبير النرجسية سام إكنين عن النرجسية الثقافية في تحليله لبعض القبائل الأفريقية و القبائل البدوية، “إن توفرت خمس شروط من التسع الآتية في مجتمع، مجموعة أو جماعة، يصح وصفه أو صفها بالنرجسية الثقافية.”:

– أن تكون الجماعة، أو أعضائها – بفضل الأنساب إليها –يشعرون بعظمة واِختتال، فمثلاً، المبالغة في إنجازات الجماعة ومواهبها لدرجة الكذب، مع الألحاح أن يعترف الأخرين بأعلويتها – فقط لمجرد أنتمائها لها وبدون أنجاز يساوي الأدعاء.

– أن تكون الجماعة، أو أعضائها – بفضل الأنساب إليها – لديهم هوس بأوهام عن: نجاح غير محدود، عزوة، شهرة، سلطة مخيفة أو قدرة هائلة، عبقرية غير مسبوقة، هوساً للغزو والأحتلال أو بكمال نظرياتهم السياسية.

– أن تكون الجماعة، أو أعضائها – بفضل الأنساب إليها – علي أقتناع تام أنه لا نظير لتميزهم وأستثنائهم والذي لايمكن فهمه وتقديره غير من قبل من في داخل جماعتهم أو من يقاربونها في العظمة والأهمية، ولا يجب التعامل مع من هم خارج الجماعة أو مع من هم أقل مقاماً منها.

– أن تكون الجماعة أو أعضائها – بفضل الأنتساب إليها – يتطلبون تفخيماً وتزلفاً وتعظيماً وأعجاباً متواصلاً ومفرط، وفي حالة غيابه أو الفشل في الحصول عليه (والمعروف بمصطلح “مؤن تغذية النرجسية”)  يتحولون ويفتخرون بكونهم مصدراً للرهبة والتخويف.

– أن تكون الجماعة أو أعضائها – بفضل الأنتساب إليها – يشعورن بالأستحقاق. فهم يتوقعن أن يتم التعامل معهم بخصوصية وأفضلية، ويتطلبون طاعة أوتوماتيكية عمياء. ونادراً ما يتحملون أو يقبلون مسؤلية نتاج تصرفاتهم و يلومون تباعيات أخطائهم علي عوامل خارجية وأساليب دفاعية تدمرية (كمحاولة لتخريب الواقع وأحداث لتتماشي مع أدعائهم أنهم ضحايا) ، بل وفي كثير من الأحيان ينتج عن ذلك ممارسات معادية للمجتمع، أعمال أجرامية واسعة النطاق.

– أن تكون الجماعة أو أعضائها – بفضل الأنتساب إليها – يبنون علاقات بهدف أستغلالها للوصول الي أهدافهم من خلال ممارسات عدائية مثل أعمال أجرامية أو للتستر علي جرائم تورطوا بها.

– أن تكون الجماعة أو أعضائها – بفضل الأنتساب إليها – يفتقرون القدرة علي التعاطف، ويرفضون التماثل مع الأخرين أو وضع أي أعتبار لمشاعر أو لأحتياجات المختلفين عنهم أو من هم خارج جماعتهم. من ما يؤدي في كثر للأحيان لممارسات أجرامية علي نطاق واسع.

– أن تكون الجماعة أو أعضائها – بفضل الأنتساب إليها- في حالة متواصلة من الحقد علي الآخرين ويظنون أن الآخرين يكنون نفس الأحقاد لهم. من ما يؤدي في كثر للأحيان لممارسات أجرامية علي نطاق واسع.

– أن تكون الجماعة أو أعضائها – بفضل الأنتساب إليها – تيتسمون بالعجرفة والتجبر مقرونان بالغضب في حالة الإحباط، أو في حالة التناقض والتخالف معهم، أو مواجهتهم أو معاقبتهم. من ما يؤدي في كثر للأحيان لممارسات أجرامية علي نطاق واسع.

أول مرة قرأت تعريف ڨاكنين للنرجسية الثقافية عام 2007، فكرت في جماعة الأخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الأرهابية، ثم فكرت في المعارضة اليسارية والقومية العربية، فكرت في نظام مبارك، ثم في البيروقراطية المصرية، في الأزهر وفي الكنيسة القبطية، في المؤسسة العسكرية، فكرت في الرجال الذين يتحرشون بالنساء في الشوارع، فكرت في النساء الذين يربونهم علي أن يكونوا عبيداً أم طغاة، الكل مسؤل. حان وقت شجاعة الأعتراف، حان وقت معرفة أننا ليس لدينا حلفاء أو مرتزقة يحاربون لنا حربنا، فالجميع منشغل علي الجبهة الاخري. لم نعد نمتلك رفهاية التخازل وعدم المواجهة.